في اليوم العاشر من المحرم كتب الله النجاة لموسى عليه السلام الداعي إلى الله واحد اولياء الله من أولي العزم من الرسل وهلاك فرعون أكبر أعداء الله من الطغاة والذي أفسد الحياة، ذهب ومن معه غرقًا إن في إنجاء الله لأوليائه فلم يغرق منهم أحد، وإغراقه لأعدائه فلم يخلص منهم أحد - آيةً عظيمة وبرهان قاطع على قدرته تعالى العظيمة، وصدق رسوله فيما جاء به عن ربه من الشريعة الكريمة والمناهج المستقيمة. ولما رأى فرعون الحقيقة وأدركه الغرق {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس: 90] وهيهات! {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91]. ويأتي الحكم من الله {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} [يونس: 92].
وانتهت أحداث ذلك اليوم العظيم، كما سماه رسولنا ؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله قدم المدينة فوجد اليهود صيامًا يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله : "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" فقالوا: هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا؛ فنحن نصومه. فقال رسول الله : "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه رسول الله
اختلف المسلمون حول صيام يوم عاشوراء. اما رأي فقهاء الشيعة الاثني عشر، ومنهم السيد علي السيستاني هو أن صوم يوم عاشوراء مكروه ويمكن الاكتفاء بالصوم عن الماء تشبها بعطش الحسين وعائلته في ذلك اليوم المأساوي. اما عند السنة هو يوم صوم مستحب. وأختلفت الروايات في أصل صوم عاشوراء عندهم. فمنهم من قال انه كان يوم صوم عند قريش قبل الجاهلية ولما فرض صوم رمضان أصبح اختياريا. وتنقل بعض كتب أهل السنة والجماعة ان النبي محمد(ص ) صامه عندما علم أن يهود المدينة يصومونه . ورفض البعض هذه الرواية لاختلاف عاشوراء اليهود عن عاشوراء المسلمين . كما يروي أتباع المذهب السني أنّ صوم يوم عاشوراء بَقِيَ مندوبًا كسائر الأيام التي يُنْدَب فيها الصِّيام، ولم يكن يَأْبَهُ له أحدٌ من المسلمين بأكثرَ من أنّ الصِّيام فيه له فضله الذي وَرد فيه قول النبي كما رواه مسلم "يُكَفِّر السَّنة الماضيةَ" وجرى الأمر على ذلك في عهد الخُلفاء الراشدين، حتى كان يومُ الجمعة العاشِر من المحرّم سنة إحدى وستين من الهجرة، وهو اليوم الذي قتل فيه الحسينُ بن علي في كَرْبِلاء .